حديث قد يهم وزير التعليم العالي والبحث العلمي

المهندس : بابه ولد يعقوب ولد أربيه

 

في سنوات معاوية الأولى كان العلامة محمد سالم ولد عدود رحمه الله وزيرا للثقافة والتوجيه الإسلامي وبحكم عمله حضر ذات مرة افتتاح مهرجان فني فقال: (بصفتي وزيرا للثقافة أفتتح هذا المهرجان وبصفتي وزيرا للتوجيه الاسلامي أنسحب منه).

 

معالي وزير التعليم العالي والبحث العلمي،

 

بصفتكم وزيرا للبحث العلمي فقد أحسنتم في إعطاء منح دراسية لطلاب الماستر والدكتوراه وبصفتكم وزيرا للتعليم العالي فقد أخطأتم في حق التعليم العالي وسأسترسل في الموضوع أكثر،

 

السيد الوزير،

 

في رسالتكم الأخيرة للسفارات الأجنبية انتهاك لحرية الطالب وذلك بمنعه من اختيار تخصصه وجامعته، وفيها أيضا رفض غريب للتعاون الدولي في مجال التعليم لدرجة أنها قد تدخل موسوعة غينيس كأغرب رسالة دبلوماسية في التاريخ المعاصر !

 

 

تلك الرسالة أعادتني لذكريات من حينا القديم بأبي تلميت تحديدا لقصة جارنا المسكين الذي أرسل عمته في خطبة فتاة من حي آخر فما كان من العمة الغالية إلا أن مدحت ابن أخيها مدحا مبالغا فيه ثم دست بين ثنايا معلقتها النثرية جملة سريعة مفادها أن نوبات الجنون التي تنتاب ابن أخيها بين الفينة والأخرى قد تباعدت بشكل ملحوظ، وجه الشبه بين الحكاية القديمة والرسالة الحديثة أن العمة التي من المفترض أن تكون واسطة خير كانت منفرة وهذا تماما ما فعلته وزارة التعليم العالي التي من مهامها أن تبحث للطلاب عن مقاعد دراسية فإذا بها تحذر من قبولهم .

 

 

معالي الوزير،

 

لن أجادلكم في جودة مخابرنا ولا في ثراء وتنوع مكتباتنا ولا في عدد أساتذتنا المبرزين ولا في تصنيف جامعتنا ولن أخبركم بأن الاكتفاء الذاتي يكون في الغذاء والدواء وليس في العلم الذي لن أخبركم أنه يزداد ويتسع بالتشارك بين الأمم، ولكني سأعطيكم مثالا ربما يمكن القياس عليه في تخصصات أخرى فحسب علمي لا توجد مدرسة أو كلية للهندسة المعمارية في موريتانيا ودراسة هندسة العمران تبدأ من السلك الأول، فماذا أنتم قائلون للمتفوقين من أبناء الفقراء والطبقة الوسطى الذين رافقهم منذ الطفولة حلم الهندسة المعمارية؟ وماذا ستقولون لبلدنا المقبلة إن شاء الله على طفرة عمرانية ستحتاج خلالها لمهندسين معماريين؟

 

 

السيد الوزير،

 

نحن نعاني من نقص حاد في الصحافة المحترفة والمتكون أفرادها في معاهد الصحافة وكليات الإعلام فما ضركم لو منحتم المتفوقين في الباكلوريا الأدبية لدارسة الصحافة أو تركتموهم على الأقل يبحثون لأنفسهم عن مقاعد بدون منحة.

 

معالي الوزير،

 

في السعودية تعليم عال ممتاز ومصنف، ومع ذلك تبتعث المملكة كل عام آلاف مواطنيها للدراسة في أمريكا وكندا واستراليا، دعنا من السعودية الثرية ما شاء الله ولنلتفت جنوبا إلى السنغال التي كونت مئات المهندسين والفنيين في الغاز خارجها، تحديدا في أمريكا وبريطانيا وجنوب إفريقيا ونحن كما تعلم يا معالي الوزير غازنا مشترك معها بل نمتلك حقولا إضافية خاصة بنا ولن نستفيد من ثرواتنا ما لم نكون أطرا ممتازين في مجالات مثل الغاز والمعادن وتقنيات الحفر والتنقيب .

 

 

طبعا لن تخبرني يا معالي الوزير أن قسم الجيولوجيا في كلية العلوم سيفي بالغرض أم أن الأقسام التحضيرية في البوليتكنيك ستسد النقص في المهندسين.

 

معالي الوزير،

 

سأذكرك أن الباكلوريا هي البوابة الوحيدة ذات المصداقية التي يستطيع من خلالها أبناء الفقراء أن يتطلعوا لغد أفضل فلماذا أغلقت هذه النافذة النبيلة؟

 

 

السيد وزير التعليم العالي والدكتور المتعلم خارج بلده أتعرف أن التاريخ ما زال يحتفظ لمحمد عالي باشا بإرساله بعثة من أربعين طالبا إلى باريس وهي البعثة المشهورة التي كان أصغر أفرادها رفاعة الطهطاوي والتي كانت نواة نهضة مصر، ولمعرفة مزيد عن تلك الرحلة أدعوكم يا معالي الوزير لقراءة كتاب “تلخيص الإبريز في تلخيص باريز”.

 

فقط أشفق عليكم من دخول التاريخ عكس الاتجاه الذي دخل منه محمد عالي باشا .

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى