ورطة كبرى.. كورتوا بين الوفاء الألماني وتصفية الحسابات
يام قليلة تفصلنا عن انطلاق النسخة رقم 17 من بطولة اليورو المقرر إقامتها في ألمانيا خلال الفترة ما بين يومي 14 يونيو/حزيران وحتى 14 يوليو/تموز بمشاركة نخبة المنتخبات الأوروبية.
ويشارك في البطولة المنتخب البلجيكي الذي يتواجد في المجموعة الخامسة إلى جوار كل من سلوفاكيا ورومانيا وأوكرانيا.
وتعد تلك البطولة ربما الفرصة الأخيرة للجيل الذهبي لبلجيكا للفوز بلقب بطولة كبرى، خاصة أن هذا الجيل يضم العديد من الأسماء البارزة ومن بينهم حارس مرمى ريال مدريد تيبو كورتوا.
مسيرة مبكرة
استدعي كورتوا للمرة الأولى لصفوف بلجيكا في شهر أكتوبر/تشرين الأول من عام 2011، وشارك بعدها في أول مباراة في التعادل سلبيًا وديًا أمام فرنسا في ستاد دو فرانس، ليصبح أصغر حارس مرمى يمثل بلجيكا.
وساهم كورتوا في تأهل منتخب بلاده لأول بطولة كبرى منذ مونديال 2002 بالوصول لكأس العالم 2014، وشارك بعدها في كل مباريات بلجيكا بالبطولة التي وصلت خلالها إلى ربع النهائي.
بعدها شارك كورتوا في تأهل بلجيكا ليورو 2016، ليساعد منتخب بلاده في التأهل للبطولة الأوروبية للمرة الأولى منذ 16 عامًا، لكن سقط في محطة ربع النهائي أيضًا.
التوهج الدولي
وصل كورتوا إلى ذروة توهجه دوليًا في مونديال روسيا 2018، بعدما لعب دورًا بارزًا في تخطي بلاده لعقبة البرازيل في ربع النهائي، لتتأهل بلجيكا إلى نصف نهائي كأس العالم للمرة الأولى منذ نسخة 1986.
وتصدى كورتوا لـ27 تسديدة في 7 مباريات خاضها في المونديال أكثر من أي حارس مرمى آخر، ليتوج بالقفاز الذهبي كأفضل حارس في البطولة.
وشارك كورتوا بعدها في يورو 2020 الذي ودعته بلجيكا من ربع النهائي أمام إيطاليا، وتواجد في مونديال قطر 2022، ليخوض مباراته رقم 100 دوليًا في البطولة في التعادل سلبيًا أمام كرواتيا، ويصبح أول حارس بلجيكي يحقق هذا الإنجاز.
ونجح كورتوا في تحقيق العديد من الإنجازات الفردية مثل جائزة زامورا في الدوري الإسباني 3 مرات، وأفضل لاعب بلجيكي في الخارج عامي 2013 و2014 والقفاز الذهبي في البريميرليج موسم (2016- 2017) وأفضل حارس مرمى في العالم من الفيفا عام 2018 وغيرها من الجوائز الأخرى.
ويبقى تألق كورتوا بارزًا للغاية رفقة ريال مدريد وهذا أظهر بشدة في عام 2022 في التتويج بلقب دوري الأبطال بعد تصديات الحارس البلجيكي التاريخية في النهائي أمام ليفربول ومن قبله في الأدوار الأخرى أمام مانشستر سيتي وتشيلسي وباريس سان جيرمان.
إصابة قوية
عانى كورتوا تمزق في الرباط الصليبي الأمامي في ركبته اليسرى خلال شهر أغسطس/آب الماضي، ليجري جراحة أبعدته عن الملاعب طويلًا.
وظن البلجيكي أن موسمه قد انتهى بالفعل ليعلن في شهر يناير/كانون الثاني الماضي غيابه عن منافسات اليورو التي ستقام في الصيف لصعوبة اللحاق به.
على عكس ما توقع كورتوا، تعافى الحارس البلجيكي من إصابته قبل نهاية الموسم، وشارك في الفوز على قادش (3-0) وعلى غرناطة (4-0) وعلى ديبورتيفو ألافيس (5-0) في الدوري الإسباني.
ومع الخروج بشباك نظيفة أثير بعض النقاش بشأن من سيحرس مرمى ريال مدريد في نهائي دوري أبطال أوروبا أمام بوروسيا دورتموند، وهل يستحق كورتوا العودة في ذلك اللقاء على حساب أندري لونين الذي جذب الأنظار بشدة بفضل تألقه ومساهمته البارزة في تأهل المرينجي للنهائي بجانب التتويج بلقب الليجا.
لكن يبقى السؤال الأكبر ألا يستحق كورتوا فرصة العودة للمنتخب البلجيكي كما كان الحال مع مانويل نوير حارس منتخب ألمانيا المخضرم؟
تقدير نوير
يبقى مانويل نوير من أبرز حراس المرمى في التاريخ، فمنذ ظهوره على المستوى الدولي للمرة الأولى لم تغادر ألمانيا نصف النهائي في أي بطولة شاركت بها حتى مونديال 2018.
وكانت البداية بتحقيق برونزية مونديال 2010، ومن ثم السقوط في نصف نهائي يورو 2012، قبل التتويج بلقب المونديال 2014 والوصول بعده لنصف نهائي يورو 2016.
وقدم نوير على مدار تلك السنوات مستويات فردية بارزة جعلته يتوج بلاعب العام في ألمانيا عامي 2011 و2014، والقفاز الذهبي في مونديال 2014 وأفضل حارس مرمى في العالم من فيفا “ذا بيست” عام 2020 وغيرها من الجوائز الأخرى، إلى جانب الإنجازات الجماعية البارزة رفقة البايرن من الهيمنة على البوندسليجا والظفر بالثلاثية التاريخية في عام 2013 وغيرها من البطولات.
لكن قبل بدء التصفيات المؤهلة لمونديال 2018، تعرض نوير لكسر في الساق خلال شهر سبتمبر/أيلول من عام 2017، ليغيب بعدها عن باقي مباريات الموسم.
وعلى الرغم من ذلك الغياب الطويل إلا أنه تم استدعاؤه للقائمة الأولية لألمانيا المشاركة في مونديال 2018، وخاض أول مباراة بعد تلك الإصابة يوم 2 يونيو/حزيران في الهزيمة وديًا أمام النمسا (2-1).
ومع ذلك تم اختيار نوير للقائمة النهائية المشاركة في المونديال وشارك أساسيًا في البطولة، وبعد الخسارة في المباراة الأولى أمام المكسيك، رد نوير الدين في اللقاء الثاني بالتصدي للعديد من الكرات في الفوز أمام السويد الذي أبقى على حظوظ ألمانيا في البطولة.
ومع ذلك خسرت الماكينات المباراة الأخيرة في دور المجموعات أمام كوريا الجنوبية لتودع البطولة من الدور الأول، ولكن تبقى تلك البطولة أكبر شاهد على وفاء ألمانيا لحارسها الذي قدم لها الكثير على مدار السنوات.
ورطة كبرى
مع ذلك يبدو أن الأمر أبعد من النظر إلى مستوى كورتوا وما قدمه من إنجازات للمنتخب البلجيكي والكرة البلجيكية بشكل عام، حيث يعاني من فتور علاقته بمدرب المنتخب تيديسكو منذ شهر يونيو/حزيران من عام 2023.
وحينها قرر المدرب عدم منح شارة قيادة المنتخب لكورتوا بعد إصابة كيفين دي بروين، مفضلًا عليه المهاجم روميلو لوكاكو.
وخرج توديسكو في تصريحات يوم 30 أبريل/نيسان الماضي تحدث خلالها عن إمكانية عودة كورتوا للمنتخب في اليورو: “بشأن هذا الموضوع، لقد قيل كل شيء بالفعل، لا أريد تكرار الأمر، أنا متناغم مع ذلك”.
وقال تيديسكو إنه بإعلان كورتوا قراره في يناير / كانون الأول، سمح حارس ريال مدريد للطاقم التدريبي بالتحضير لخيارات أخرى، مضيفًا “نحن نركز على اللاعبين الذين يتمتعون بحالة جيدة”.
وسيبقى اليورو هو عنصر الحسم في تلك القصة، فإن نجحت بلجيكا في صناعة المجد فلن ينظر إلى تلك الأزمة، ولكن إن واصلت الإخفاق فسيبقى عالقًا في الأذهان عدم وفاء بلجيكا لحارسها التاريخي كما فعلت ألمانيا مع نوير.